البنت/ الصرخة
على شاطئ البحر بنتٌ، وللبنت أهلٌ
وللأهل بيتٌ. وللبيت نافذتانِ وبابْ...
وفي البحر بارجةٌ تتسَلَّى بِصَيْدِ المُشَاةِ
على شاطئ البحر: أربعةٌ، خمسةٌ، سبعةٌ
يسقطون على الرمل. والبنتُ تنجو قليلاً
لأنَّ يداً من ضبابْ
يداً ما إلهيَّةً أسْعَفَتْها. فنادتْ: أبي
يا أبي! قُمْ لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا!
لم يُجِبْها أَبوها المُسَجَّى على ظلِّهِ
في مهبِّ الغِيابْ
دَمٌ في النخيل، دَمٌ في السحابْ
يطير بها الصوتُ أعلى وأَبعدَ من
شاطئ البحر. تصرخ في ليل بَرّية،
لا صدى للصدى.
فتصير هي الصَرْخَةَ الأبديَّةَ في خَبَرٍ
عاجل لم يعد خبراً عاجلاً عندما
عادت الطائرات لتقصف بيتاً بنافذتين وبابْ!.
**********************************************
ذباب أخضر
المشهد هُوَ هُوَ. صَيْفٌ وَعَرَقٌ. وخيالٌ يعجز عن رؤية ما وراء الأفق. واليوم أفضلُ من الغد. لكنّ القتلى هم الذين يتجدّدون. يُولَدون كل يوم. وحين يحاولون النوم يأخذهم القَتْلُ من نعاسهم إلى نوم بلا أحلام. لا قيمة للعدد. ولا أحد منهم يطلب عوناً من أحد. أصوات تبحث عن كلمات في البرية، فيعود الصدى واضحاً جارحاً: لا أحد. لكنّ ثَمَّةَ مَنْ يقول: "من حقِّ القاتل أن يدافع عن غريزة القتل". أمَّا القتلى فيقولون متأخرين: "من حقِّ الضحية أن تدافع عن حقِّها في الصراخ". يعلو الأذانُ صاعداً من وقت الصلاة إلى جنازات متشابهة: توابيتُ مرفوعةٌ على عَجَلٍ، تُدْفَنُ على عجل... إذ لا وقت لإكمال الطقوس، فإن قتلى آخرين قادمون، مسرعين، من غارات أخرى. قادمون فرادى أو جماعات... أو عائلةً واحدةً لا تترك وراءها أيتاماً وثكالى. السماء رماديّةٌ رصاصيَّة. والبحر رماديٌّ أزرق. أمَّا لون الدم فقد حَجَبَتْهُ عن الكاميرا أسرابٌ من ذباب أخضر!.
***********************************************
ليتني حجر
لا أحنُّ إلى أيِّ شيء
فلا أمسِ يمضي، ولا الغَدُ يأتي
ولا حاضري يتقدَّمُ أو يتراجعُ
لا شيءَ يحدُثُ لي!
ليتني حجرٌ ـ قُلْتُ ـ يا ليتني
حَجَرٌ ما ليصقلني الماءُ
أَخضرٌّ، أَصفرُّ... أوضعُ في حجرةٍ
مثل مَنْحُوتةٍ، أو تمارين في النحتِ،
أو مادّةً لانبثاق الضروريِّ
من عَبَث اللاضروريّ...
يا ليتني حَجَرٌ
كي أحنَّ إلى أيّ شيء!
الرجاء من الاعضاء الكرام الرد....والدعاء للشاعر بالرحمه